أدوات التهذيب الإيجابي في التربية

Log in to view price and purchase

الوصف

ركزت الأبحاث التي أجريت بشأن أساليب تربية الأطفال منذ عدة عقود حتى الآن على تحديد أكثر الممارسات التربوية فاعلية. وقد اعتقد “ألفريد أدلر” – الطبيب من مدينة فيينا، وأول من أنشأ مجال الطب النفسي، ومعه فرويد، في أواخر القرن الثامن عشر – أن الهدف الأساسي لجميع البشر هو الانتماء والشعور بالأهمية، وأنهم يقعون في كل أنواع الأخطاء وهم يجتهدون للتغلب على الشعور بالدونية (الشعور بأنهم ليسوا جيدين بما يكفي)، وتعرف تلك “الأخطاء” عادةً بسوء السلوك، كما آمن أيضًا بأن “سوء السلوك” يرتكز على بعض المعتقدات، ومنها: “إنني سوف أشعر بأنني على ما يرام إذا ما حصلت على الكثير من الاهتمام”، أو “فقط، لو كنت أنا المدير”، أو “سوف أؤذي الآخرين كما أشعر بالأذى”، أو “سوف أستسلم، وأعتبر أنني غير مؤهل”. وتشكل هذه المعتقدات ما يطلق عليه أدلر “المنطق الخاص”، وقد علم أن السبيل الوحيد لتغيير هذا السلوك هو مساعدة الفرد على تغيير هذه المعتقدات.

وعلى عكس بي. إف. سكينر، المتخصص الأمريكي في علم النفس والسلوك، الذي كان يعتقد أن أفضل طريقة لتغيير السلوك هي من الخارج إلى الداخل (المحفزات الخارجية)، عن طريق العقاب والمكافأة (أسلوب يعرف الآن بالسلوكية)، كان أدلر يعتقد أن أفضل طريقة لتغيير السلوك هي من الداخل إلى الخارج (المحفزات الداخلية)، عن طريق التحفيز الذي يساعد الشخص على أن يشعر بالحاجة العميقة إلى الانتماء ككائن اجتماعي. وكانت لديه فلسفة تتمثل في معاملة كل شخص بإجلال واحترام، وكان يرى المرضى وهو يجلس معهم وجهًا لوجه بدلًا من أن يتخذ موقف الاستعلاء على المرضى، ويجعلهم يتمددون على أريكة (كما فعل فرويد).

لقد استمر رودلف دريكورز، زميل أدلر، الذي تتلمذ على يديه، في تدريس الفلسفة الأدلرية بعد وفاة أدلر في عام ١٩٣٧، ونقل إلى الآباء والمدرسين فلسفة المساواة والكرامة والاحترام لجميع الناس، بدلًا من قصرها على التحليل النفسي في عيادات طب النفس. وأشار دريكورز إلى هذه الفلسفة بـ”الديمقراطية” (الحرية مع النظام)، التي تتميز عن “الاستبدادية” (النظام دون حرية)، و”الفوضوية” (الحرية دون نظام)، واستخدم هذا النموذج ثلاثي الأبعاد في بحث مدى تأثير الآباء في أبنائهم.

وديانا بومريند هي عالمة نفس، تعمل في جامعة كاليفورنيا بمدينة بيركلي، واستخدمت مصطلح “الحزم”، الذي سيستخدم كثيرًا في هذا الكتاب، لوصف ما أطلق عليه دريكورز “ديمقراطية”. وعرف دريكورز أسلوب التربية “الديمقراطي” بأنه الأسلوب الأكثر نفعًا، وناصر هذا النهج المتجاوب والحازم للقيادة في المنزل، وكذلك للقيادة في المدارس. وأقر كل من أدلر ودريكورز بالحاجة إلى التربية المعتمدة على الاحترام التي تهدف إلى تعليم حل المشكلات والمهارات الأخرى المهمة في الحياة.

وامتد بحث ديانا بومريند المطول عن طريقة تربية الأطفال إلى عدة عقود.١-٤ ويدعم عملها أيضًا النموذج التربوي للتهذيب الإيجابي، الذي يركز على التطبيق العملي للأساليب نفسها التي عرفتها بومريند وغيرها بالمؤثرة في تنمية الطفل والمراهق. ودرست بومريند بطريقة منهجية كيفية تأثير التربية في التوافق النفسي، والنجاح الدراسي، والصالح العام للأطفال والمراهقين، ووجدت بومريند أن المراهقين الذين كان آباؤهم ديمقراطيين حازمين، كان أداؤهم أفضل في الحياة الدراسية، وكانوا مستقرين نفسيًّا واجتماعيًّا، ونسبة لجوئهم إلى الكحول والمخدرات أقل بصورة ملحوظة عن المراهقين الذين يعيشون في بيئات أسرية متساهلة أو مستبدة، ولخصت بومريند بحثها الشخصي قائلة: “إن المراهقين الذين ينتمون إلى أسر حازمة وديمقراطية قد أظهروا أقصى درجات الكفاءة الاجتماعية والنضج والتفاؤل”، كما حصلوا على أعلى الدرجات في اختبارات التحصيل الشفوية والرياضيات٥.

ومعظم نماذج التربية التي تمارس في المنازل والمدرسة اليوم مبنية على العقاب والثواب، أما التهذيب الإيجابي فمبني على النموذج الأدلري القائم على التخلص من جميع أشكال العقاب والثواب؛ لمصلحة التشجيع الذي يعالج الاحتياجات الأساسية عند الأطفال إلى الانتماء والشعور بالأهمية، ومهمتنا هي مساعدة الأطفال على إيجاد الانتماء والشعور بالأهمية بطرق مفيدة اجتماعيًّا. ومن ثم نبدأ بفهم المعتقدات الخطأ عن كيفية تحقيق الانتماء والشعور بالأهمية ومعالجتها، ثم نعلم مهارات تحقيق الانتماء والأهمية بطرق مفيدة اجتماعيًّا.